عنتر عبد اللطيف
مصطفى عبد الرءوف أحمد جرجس بشاي جرجس، هكذا اسمه بعد إشهار إسلامه، والذي كان قبل ذلك الراهب بشري جرجس بشاي الأستاذ بالكلية الإكليركية، قال إنه اعتنق الإسلام في 1993، وتم اعتماده رسميًّا "كمسلم" في 2002م، رافضًا الحديث عن رحلته نحو الإسلام.
في أول حواراته الإعلامية التي أكد أنه يفتح بمقتضاها النار على نفسه لتطرقه لعقيدة التثليث والصلب في "المسيحية"، روى رحلة اعتناقه للإسلام، وكيف درسه للتشكيك فيه فغلبه ليعلن إسلامه، ويتنازل عن مستحقاته لإخوته، وكيف زوجه شخص ما التقاه بمسجد الحسين لابنته.. سألناه:
** لماذا تصر على نطق اسمك كاملاً؟
- الغرض من نطق اسمي المركب "مصطفى عبد الرءوف أحمد جرجس بشاي جرجس" أن رسول الله يقول: "زيد مني وأنا منه، له ما لي وعليه ما علي". وكان الصحابة -رضوان الله عليهم- يقولون: "زيد بن محمد"؛ لذلك نزلت الآية الكريمة: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}[الأحزاب: 5]. فلا تبني في الإسلام؛ لذلك فاسمي المركب بعد إشهار إسلامي هو مصطفى عبد الرءوف أحمد، وباقي الاسم لأبي وجدي.
** لماذا خرجت عن صمتك الآن؟
- يقول سيدنا عيسى u: ماذا يكسب الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه. وقد أعزني الله بنعمة الإسلام.
كنت أتمنى أن أعلن إسلامي قبل ذلك، فـ"لأنْ يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم". فربما هذا الحوار يكون سببًا في أن يهدي الله من هم في ضلال، وينير بصيرة غير المسلمين.
** هل حدث وأسلم أحدهم على يدك كما تقول؟
- حدث بالفعل، ولديَّ نسخة من صورة إشهار إسلامه وبطاقته الشخصية.
** ماذا عن رحلتك من المسيحية إلى الإسلام؟
- نشأت في أسرة مسيحية، وأقول مسيحية رغم أن النصارى يحبون إطلاق لفظة أقباط على أنفسهم، وهي كلمة تعني كل المصريين وليس المسيحيين، وبعد أن أنهيت الشهادة الإعدادية التحقت بالمدرسة الإلكيركية وأصبحت أحد الركائز في الكنيسة وأستاذ دكتور فيها، وبدأت أدرس الدين والعقيدة الإسلامية ليس حبًّا في الإسلام بالمرة بل لإيجاد ثغرات للتشكيك في العقيدة الإسلامية، ولتشكيك المسلمين أنفسهم، وكان التكليف داخليًّا ونابعًا من إيماني بالمسيحية، فإن كنت لا تعلم فتلك مصيبة، وإن كنت تعلم فالمصيبة أفظع، والساكت عن الحق شيطان أخرس، والإنسان غير مسئول عن بدايته أو اختيار دينه أو اسمه.
** يتردد دائمًا ألفاظ اللاهوت والناسوت، فما المقصود بذلك؟
- الأمور الكنسية مقسمة لجزأين لاهوت وناسوت، اللاهوت هو كل ما يخص ألوهية السيد المسيح وهي أمور غير قابلة للمناقشة، أما الناسوت فهو ما يخص حياة المسيحي. وما استفزني في الإسلام وقتها أنه يشكك في صلب المسيح، لذلك بدأت دراستي بتوسع، وتساءلت: لماذا يقول الإسلام إن المسيح ليس إلهًا؟ فاعتراني الشك فمن هو الله ومن أنا؟!! يقول الإنجيل: إن الله أرسل ابنه الوحيد حتى لا يهلك كل من يؤمن به، فكيف ترك الله ابنه لليهود حتى يقتلوه؟! فمثلاً لو ضرب شخص ابني فأضعف الإيمان أن أدافع عنه، وإذا افترضنا أن الله هو الذي نزل الأرض في صورة المسيح ومات، أيًّا كانت صورته سواء هو الأب أو الابن أو الروح القدس، وظل ميتًا ثلاثة أيام ثم قام في اليوم الثالث وهو عيد القيامة، فمن أدار الكون خلال هذه الأيام الثلاثة أثناء موت الله، فهل الكون أدار نفسه بنفسه أم هناك قوة أدارته؟ وإذا كان هذا الكون قد أدار نفسه بنفسه وللحظة قوة إدارته، فسوف يستغني عن الخالق ووجوده، أما إذا كان هناك من أدار الكون بدلاً من الله الحي الميت فهو من يستحق العبادة -يضحك- "الحي أبقى من الميت". والله الذي مات أضعف من الله الموجود، لو افترضنا أن المسيح هو الله. إذن فهو الخالق والصانع فمن أقوى الصانع أم المصنوع. بالطبع الصانع. فكيف يتغلب المصنوع على الصانع، فالله خلق آدم وآدم عصى الله؛ ولذلك أهبط الله آدم إلى الأرض وكان يستطيع أن يرجع آدم إلى الجنة مرة أخرى، إذن فربنا ليس في احتياج كي يهبط إلى الأرض بنفسه؛ كي يكفر عن خطية آدم، وإذا افترضنا جدلاً أن اليهود هم قتلة المسيح واليهود من ذرية آدم، فكيف للمخلوق أن يقتل الخالق!!
** لماذا بدأت تشك في عقيدة التثليث؟ ولماذا رفضتها؟
- عقيدة التثليث مكملة للألوهية والصلب وعقيدة التثليث تقول: "باسم الأب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين". مما يعني أن الله هو الثلاثة، وإذا استخدمنا المعادلات الرياضية نصل إلى أن واحدًا في ثلاثة بثلاثة وليس واحدًا، فكيف يكون الأب والابن والروح القدس واحدًا وتقول الآية في الإنجيل: "لاهوته لا يفارق ناسوته طرفة عين"! فاللاهوت هو الله وهو الأب لا يفارق الابن طرفة عين، بل فارقه عندما مات الابن وصلب الصليب، وأنا أشبه نفسي بمن كان أعمى وذهب إلى طبيب جعله يبصر ويرى النور، فهل يستطيع هذا الإنسان أن يغمض عينيه مرة أخرى؟ محال، كذلك نعمة الإسلام.
** وماذا عن بقية نقدك للديانة المسيحية وقولك في قضية صلب المسيح؟
- إذا افترضنا أن هناك إنسانًا يحمل كرباجًا وكلما رأى شخصًا ينهال عليه ضربًا، فهل سيحب هذا الشخص الكرباج؟ محال، كذلك الصليب وهو أداة تعذيب كان يعاقب بها المجرمون والنصارى أنفسهم يقولون عن السيد المسيح إنه حمل صليب العار، فكيف يقدسون العار؟ وكيف يحبون الكرباج "الصليب"؟ والأب لن ينزل الأرض لأجل غلطة ارتكبها المخلوق والابن يعني الإنسان والإنسان يأكل ويشرب ويخرج، فهل من المعقول أن الله القدوس الطاهر يحمل "نجاسة"؟ وإذا كان القرآن يقول: {وَالسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا * ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ}[مريم: 33، 34]، ويقول: {فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} [التحريم: 12]. فإذا كان عيسى بن مريم من روح الله، وروح الله سوف تعطي له الحق في الألوهية، فيكون كائنًا حيًّا إلهًا؛ لأن كل كائن حي يحمل روحًا، والروح من عند الله.
** يرى البعض أن المسيح تعرض للصلب حتى يكفر عن خطيئة آدم.. فما ردك؟
- لم نتحدث بما فيه الكفاية في قضية صلب المسيح، حيث يؤكد المسيحيون أن ما جاء في القرآن بعدم صلب المسيح مجرد خزعبلات؛ لأن الله -جل تعالى- يقول في كتابه الكريم: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: 157]. والصلب كما قلنا كان عقوبة المجرم شديد الإجرام وهي أقسى أنواع العقوبة بمثابة الإعدام الآن، فأي جرم ارتكبه الله حتى يصلب! والقول بتكفير خطيئة آدم باطل، فإذا كان من يتحدث مجنونًا فإن المستمع عاقل -يضحك- فما أهمية الإنسان حتى ينزل الله من عرشه إلى الأرض! يقول رب العزة في حديث قدسي عن نفسه: "يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا".
** في أي الكنائس خدمت؟ وما الفرق بين الكاهن والراهب؟
- تربيت في كنيسة العذراء بشبرا، وخدمت في كنائس الإسكندرية وأسيوط. الرتب الكنسية أنواع منها الراهب والثاني القس وهو من يقوم بعمل القداسات في الأديرة، وهناك القمص والكاهن والأنبا، ومن شروط الرهبنة عدم الزواج، كما يجب على القس أن يتزوج، وأنا حصلت على درجة أستاذ دكتور راهب في الكنيسة الأرثوذكسية، والحقيقة أن الرهبنة بدعة "وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار"، ولم تكن الرهبنة على أيام السيد المسيح u.
** ماذا عن أسرتك المسيحية قبل الإسلام؟
- أبي المعلم جرجس بشاي جرجس كان تاجرًا كبيرًا بروض الفرج، ولا أحب الحديث عن عائلتي ولن أتطرق إلى أمور شخصية، يقول سليمان الفارسي t: "أما أنا فابن الإسلام". وعندما قال هذا، قال رسول الله عنه: "سلمان منا آل البيت". وأنا أستشهد بقول الرسول: "واشوقاه، واشوقاه". فقال له الفاروق عمر بن الخطاب: "إلى من". فقال الرسول: "إلى أحبابي". فقال الفاروق: "ألسنا أحبابك يا رسول الله؟" فقال الرسول: "أنتم أصحابي، أما أحبابي الذين يأتون بعدي ولم يروني". فكيف أبحث عن عزٍّ أكبر من عزة ونعمة الإسلام!!
** هل حدثت عمليات تبشير بالمسيحية أثناء وجودك بالكنيسة؟
- أرفض الحديث عن التبشير في الكنيسة، وإن كنت أتمنى أن أكون ممن قال عنهم رسول الله : "خيركم من تعلم القرآن وعلمه". فأنا أتمنى أن أكون سببًا في دخول غير المسلمين الإسلام، وإذا لم نعترف بسيدنا عيسى يكون إسلامنا منقوصًا؛ لذلك أرفض الخوض فيما كان يجري في الكنيسة، وحتى لا يقال: إنني أنشر لهم الغسيل "الوسخ"؛ فدين الإسلام حثنا على احترام اليهودية والمسيحية، يقول الله : {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}[البقرة: 285].
** هل أنت مقتنع بالإسلام أم من الممكن أن ترتد عنه؟
- يقول رسول الله : "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا، كتاب الله وسنتي، ومن أعرض عن سنتي فليس مني". ويقول u: "ستتكالب عليكم الأمم كما تتكالب إلى قصعتها". قالوا: أوَمن قلة نحن يا رسول الله؟ قال: "بل أنتم حينئذ كثر ولكنكم كغثاء السيل، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن". والمقصود بالوهن حب الدنيا وكراهية الموت. وقد نسي المسلمون الله، فأنساهم أنفسهم.
** هل حفظت القرآن الكريم؟ وما رأيك في أحوال المسلمين الآن؟
- حفظت 4 أجزاء من القرآن الكريم، وأستعد لإنهاء جزأين آخرين، وكل هذا بفضل الله؛ فـ"لأنْ يهدي الله رجلاً بك خير لك من أن يكون لك حمر النعم". وعندما أسلم أحد الأشخاص على يديّ تيقنت من مصداقيته أولاً بأن جلست معه، وعندما تأكدت من استعداده بعد أن قلت له: "إذا كان على المسلمين فلن تجد أفقر منهم، ولا أضعف منهم؛ لأنهم استضعفوا فاستضعفهم الله، فإذا كنت تريد اعتناق الإسلام لنواحٍ مادية، فالأفضل لك أن تظل في مكانك". وبعد تيقني من قناعته بالإسلام، هداه الله إلى دينه الحنيف.
** كنت راهبًا ممنوعًا من الزواج، فهل ما زلت دون زواج؟
- تزوجت بنت الرجل الذي آواني بعد إسلامي، وهو حبيبي وليس نسيبي، وربنا يبارك فيه وأسرته ويشفيه من أمراضه، وهو الحاج محمد محمد عباس رجب الذي كان يعمل بالمطاحن وحاليًا بالمعاش، كنت التقيت به بمحض الصدفة في رحاب سيدنا الحسن t وأقول هذا الكلام رغم كونه سرًّا حتى لا نضيع أجر المحسنين، وأخبرني الرجل أن الله رزقه بثلاثة أبناء وثلاث بنات، وبأنني سأكون كابن رابع له، وقال: "زوَّجتك من ابنتي". ووعدني أنه سيساعدني رغم أنه إنسان بسيط الحال، ومكثت معه في بلدته بالزقازيق لحين الانتهاء من إجراء إشهار الإسلام، وكان يقول لمن يراني في منزله: إنني قريب أسرته، وحضرت لزيارتهم من القاهرة حتى لا يعرضني للحرج، وبعد الانتهاء من الإجراءات أقام لي حفلة بالزقازيق وبعدها زوجني ابنته ووفّر لي سكنًا في منطقة القناطر، وظللت أعمل في المصانع حارس أمن، وللآسف واجهت بعض المضايقات من المسيحيين الذين عرفوا بقصتي، فقد كنت أعمل براتب جيد في أحد المصانع، وكان مديره مسيحيًّا فأجبرني على ترك العمل لأعمل في معرض حلويات بمنطقة باب البحر.
** هل كنت تملك أموالاً قبل اعتناقك الإسلام؟ وأين ذهبت هذه الأموال؟
- أملك نصيبًا في محل بسوق العبور استولى عليه أشقائي، ومنذ أن أسلمت وحتى الآن لم أحصل على نصيبي في هذا المحل، سواء عائد الأرباح عن هذه الفترة أو رأس المال، ولا أطلب سوى استرداد حقي.
** ألا تشعر بالخوف وأنت تهدم أركان المسيحية بهذا الشكل؟
- أعلم علم اليقين أن هذا الكلام سوف يفتح عليَّ نيران جهنم، ورغم ذلك أقول لإخوتي غير المسلمين: إن الدين عند الله هو الإسلام، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85]. ولو لم أتيقن مما أقوله، أقسم بالله ما كنت أعلنت إسلامي.
** ماذا عن عمل الكلية الإكليركية؟ وأي الأبحاث تجريها؟
- إكليركية اللاهوت تساوي كلية أصول الدين في الأزهر، ولا أريد الخوض فيما تدرسه وندرسه؛ حتى لا يقال إنني أشهر بالكنيسة.
المصدر: صحيفة صوت الأمة المصرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أرسل تعليقا