الثلاثاء 2 نوفمبر 2010
يجلس الشيخ المعمم الوقور وأمامه المكتب العتيق وفوقه بعض الدفاتر والأقلام والأوراق .. وعلى الناحية الأخرى تجلس أمامه فتاة عشرينية يبدو عليها الإرهاق والتعب .. يتحدث إليها الشيخ بنبرة هادئة :
- خير يابنتى .. بتحبى ولا مدفعتيش قسط التلاجة ؟!
تصاب الفتاة بصدمة تعقد لسانها عن الكلام .. فيكرر الشيخ كلامه .. فترد الفتاة بتلعثم :
- أنا عاوزة أشهر إسلامى ..
يرمقها الشيخ بنظرة حادة ثم يردف :
- قوليلى مين اللى بتحبيه وأنا أخليه يجوزك من غير ما تشهرى إسلامك !
تتساقط حبات العرق فوق جبينها ، بينما يبتسم القس الذى يقف بجوار الشيخ ابتسامة صفراء ..
تكرر الفتاة أنها تريد إشهار إسلامها وتقول أنها ليست على علاقة بأحد ولا تعانى من أى مشكلة .. يخبط الشيخ بقبضته فوق المكتب ويصيح :
- يا بتحبى .. يا فيه مشكلة ! ولازم ترجعى مع أبونا عشان يعملولك جلسات نصح وإرشاد وبعدين تيجى نبحث فى أمرك وتكونى حافظة القرآن كله لو عاوزة تشهرى إسلامك !!
هذا الموقف الهزلى المتخيل هو ما يطالب به شجيع السيما " نجيب جبرائيل " الذى تحرك بأمر من شنودة ليرسل بالفاكسات والبرقيات إلى المسئولين مطالباً بعودة جلسات ما تُسمى " النصح والإرشاد " .. نجيب جبرائيل يعزو أسباب التحول إلى الإسلام إما بـ الحب ! أو المشكلات ! ويطالب بالكشف عن " النوايا الحقيقية " لاعتناق الإسلام !
كما دعا جبرائيل الأزهر بعدم الاكتفاء بنطق الشهادتين ! بل لابد للأزهر أن يبحث فى الصدور ويشق القلوب ليعرف هل من يشهر إسلامه اعتنق الإسلام فعلا أم أنه ذهب للأزهر ليحب ويحل مشكلته ! وكأن الأزهر قد تحول إلى برنامج " أنا والنجوم وهواك " الذى يقدمه النصرانى أسامة منير ليحل فيه المشكلات العاطفية !
بمنطق نجيب جبرائيل فإن أى مسلم قد تحدث له مشلكة فإنه سيتنصر أو يتهوّد ! ما دخل المشكلات فى الاقتناع بدين معين ؟! بل قد يجد الإنسان حياته كلها مشكلات منذ مولده وحتى وفاته ولا يدفعه هذا على الإطلاق لتغيير دينه .. ولكن المشكلة التى لا يعلمها جبرائيل ومن يسرّحونه أننا فى القرن الحادى والعشرين .. ولسنا فى العصور الحجرية المظلمة التى عبد الناس فيها الأصنام والحجارة .. لم تعد حكاية انتحار " الإله " وموته على الصليب ، تنطلى على أحد .. النصارى ملّوا من الأكاذيب .. ملّوا من عبادة البشر والخشب والأصنام .. ملّوا من دين يقوم على الأسرار والألغاز .. ملّوا من دين وثنى بكل معانى الكلمة ..
نجيب جبرائيل يطالب عودة جلسات النصح والإرشاد – الاسم الحركى لمحاكم التفتيش – حتى يتم وقف نزيف الكنيسة المرقصية ، ومنع الآلاف الذين يفرون منها سنويا ..
جلسات النصح والإرشاد هى جلسات تهديد وإرهاب يقوم القساوسة والأساقفة فيها بتهديد الأخ أو الأخت بشتى أنواع التهديدات ويبلغونهم أنهم سيفقدون حياتهم إذا ما أصرّوا على الإسلام .. ثم يلجأون إلى الترغيب ، وعرض تأشيرات أمريكا وقبرص وكندا وأستراليا عليهم .. يستخدمون جميع الطرق غير المشروعة لإثناء من يسلم عن إشهار إسلامه ..
والعجيب جد عجيب أن جبرائيل وأمثاله يدّعون حماية حقوق الإنسان والسعى لتفعيل المواطنة ! فأين هى حقوق الإنسان فى تهديد وإرهاب من يتحول للإسلام ؟؟ أين هو تفعيل المواطنة فى خطف وحبس مواطنات أشهرن إسلامهن ؟؟ ولماذا الإصرار على المطالبة بعودة محاكم التفتيش للبحث فى النوايا وقمع من يشهر إسلامه ؟؟ ولماذا الكنيسة المرقصية هى التى تطالب بهذه المطالب الشاذة دونا عن باقى الأديان والملل والمذاهب ؟؟
الحرية الدينية لا تحتاج إلى تفتيش فى الضمائر والنوايا ولا تحتاج إلى شق القلوب ومعرفة إذا كانت هذه السيدة تحب شخصا أو لديها مشكلة كما يدعى جبرائيل .. الحرية الدينية أن يختار الإنسان الدين الذى يعتقد بصحته ..
لقد تنصّر بضعة أشخاص فى مصر ولم يأبه بهم مخلوق .. ولم نسمع أن شيخ الأزهر قام بالاعتكاف من أجل استعادتهم أو أن الدولة قامت بالقبض على القساوسة الذين نصّروهم أو أن المسلمون قاموا بتحريك عشرات الأتوبيسات التى تحمل المتظاهرين ليحتجوا ويسبوا الدولة .. ولم يطالب محاميا مسلما بعمل جلسات نصح وإرشاد لهم .. وحدها تتفرد الكنيسة المرقصية بزعامة شنودة ، بهذه الأعاجيب .. ووحدها كنيسة شنودة هى التى تضطهد الأفراد دينيا وتختطفهم وتعذبهم .. ولم نسمع بما يفعله شنودة وسدنته فى أى مكان آخر بالعالم .. حتى الكيان الصهوينى المجرم لا يعتقل امرأة يهودية أشهرت إسلامها ..
إن الدعوة لعودة جلسات النصح والإرشاد يمثل ردة حضارية تعود بنا إلى القرون الوسطى وعصور الظلام الأوروبية وصكوك الغفران .. بالإضافة إلى أن هذه الدعوة الآثمة تتناقض مع المادة الأولى فى الدستور التى تنص على المواطنة وحرية الإنسان ، وكذلك المادة الثانية التى تقول أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع .. أى لا يمكن بحال من الأحوال إعادة هذه الجلسات الإجرامية التى تنتهك حق الإنسان فى اختيار عقيدته وتنتقص من حقوق المواطنة وتجامل الكنيسة على حساب الدستور .
إن ما أفزع الكنيسة المرقصية الفترة الماضية هو انضمام المئات شهرياً للإسلام الحنيف .. خاصة أن مراسم إشهار الإسلام صارت تأتى موثقة بالفيديو .. وهو ما ضرب الكنيسة فى آلتها الإعلامية المأجورة التى كانت تروج كذبا وزورا وتضليلا لما يُسمى " اختطاف الفتيات القبطيات القاصرات وتخديرهن واغتصابهن وأسلمتهن " !
وجدت الكنيسة نفسها فى مأزق .. حيث أن " السبوبة " التى كانت ترتزق منها انتهت .. ولم يعد الأمريكان يصدقون مهاترات شنودة عن الخطف والأسلمة .. بل ولم يعد النصارى أنفسهم يصدقون أكاذيب الكهنة عن اختطاف الفتيات على يد " الشباب الوهابى " .. فلم تجد الكنيسة أى حل لهذه المعضلة سوى المطالبة بإعادة محاكم التفتيش لوقف نزيف فرار النصارى من الكنيسة وتحولهم للإسلام العظيم ، ويكأن ما يسمى " النصح والإرشاد " سيقنع من يشهر إسلامه بأن " الإله " قد انتحر على الصليب وتم دفنه ثم قام مرة أخرى !
ليت الكنيسة المرقصة تعلم أن هذه " الحركات " السخيفة ، تثبت للغرب أنها كنيسة إرهابية تعتدى على الحريات والأفراد .. وليت نجيب جبرائيل يعلم أن الدين " مش بالعافية " و " الدراع " وأن الدين الحق لا يحتاج إلى خطف وإرهاب وحبس واعتقال ونصح وإرشاد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أرسل تعليقا